أكثر من رسالة وأكثر من دلالة رمزية حاملة للأمل بدت لي أول أمس، وأنا أحضر حفل تدشين المركز الثقافي بسيدي عيسى في حلته الجديدة، وتسميته باسم شهيدة الكلمة صحفية الشروق الراحلة “خديجة دحماني” رحمها الله…
لقد كان المركز بحق تحفة فنية لم أر مثيلا لها في الجزائر بما في ذلك العاصمة،إلى درجة أن تمنت الصحفية المتألقة صورية بوعمامة أن ينقل نموذجه إليها،وفي ذلك إشارة قوية من داخل الجزائر العميقة لماينبغي أن تكون عليه كل المواقع التي تُعنى بالعقلوالوجدان ـ من مدرسة ومسرح وسينما وغيرهاـ لما لهامن دور في بناء الإنسان الذي كدنا نفتقده ونحن نلهثوراء المادة. كما في ذلك دعوة ملحة إلى أن ننتقل منحالة الإنجاز المتسرع الخالي من الإتقان والأبعاد الجماليةإلى إنجاز مرافق عمومية تكون في مستوى هيبة دولتنا ومانطمح إليه من رقيّ وتقدم وإعادة بناء للحضارة..
وفي جانب آخر، كان تنظيم الحفل مبعثا للإحساس لدى الجميع بفعالية العمل الجماعي المتكامل داخلالمدينة الواحدة عندما يتعلق الأمر بالصالح العام.. لقد كان التناغم واضحا بين ممثلي المجتمع المدني فيمابينهم، وبينهم والسلطات المحلية ورئيس المجلس الشعبي البلدي. حيث اشتغل جنبا إلى جنب ممثلو جمعيةالعلماء المسلمين واتحاد الكتاب الجزائريين وجمعية اقرأ ولجنة الحفلات وغيرها، إلى جانب المنتخبين المحليينلإخراجه في تلك الحلة التي شاهدناه عليها. وحضرت السلطات المحلية في أعلى مستوى لترافق كل ذلكوتؤكد حرصها على نجاحه.
ولا شك أن مجموعة الكتاب والأدباء والصحفيين والشعراء الذين حضروا الحفل من أبناء المنطقة والمدعوينقد خرجوا بالانطباع ذاته:
أننا يمكن أن نُبدع إذا أردنا، سواء في الإنتاج الفكري والأدبي والعلمي أو في البناء والتنظيم والتكامل فيالعمل.
أننا يمكننا أن نتعلم من الجزائر العميقة على غرار سيدي عيسى وغيرها كيف نبني الجزائر جميعها.
أننا يمكن أن ننقل نموذج النجاح وإتقان العمل إلى كافة القطاعات والمستويات..
ذلك أن الطاقات والإمكانات والوسائل متوفرة…
ينقصنا شيء واحد إرادة العمل وإخلاص النية.
لقد سبق لي أن شاركت في نشاطات ثقافية بذات المركز قبل اليوم، ولم تعجبن الحالة المتهرئة التي كانعليها، غير المتناسبة إطلاقا مع الزخم الثقافي الذي تعرفه المنطقة، وأسرّ في أذني رئيس الدائرة حينها قائلا:ستعود المرة القادمة وتجد المكان غير الذي تراه الآن..
وقد كان ذلك بالفعل، وتلك مساحة أخرى للأمل..
سليم قلالة – الشروق اليومي
إرسال تعليق